الأربعاء 17 ديسمبر 2025 الموافق 26 جمادى الثانية 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

الياقة المكشكشة تشعل الجدل وتسقط هيبة الإمبراطورية الإسبانية

صورة ماريا، ملكة
صورة ماريا، ملكة المجر، إمبراطورة الإمبراطورية الرومانية الم

يكشف معرض «الأسلوب الإسباني: الموضة المضاءة 1550-1700»، المقام حالياً في متحف ومكتبة الجمعية الإسبانية بواشنطن هايتس في نيويورك، عن حقبة كانت فيها الملابس ليست مجرد أزياء، بل أداة «للسلطة والسيطرة الأخلاقية». 

خلال القرن السابع عشر، كان المجتمع الإسباني يراقب بدقة متناهية «خطايا تتعلق بالنسيج والجسد»، حيث كان الملوك ورجال الدين على حد سواء يتدخلون لتحديد ما هو لائق وما هو غير لائق.

كانت النساء الإسبانيات في تلك الفترة عرضة لقيود صارمة:

المنع الديني: كان من الممكن «منع النساء من دخول الكنيسة» بسبب إظهار أكتافهن.

الغرامات والعقوبات: تعرضت بعضهن للغرامات بسبب حجم تنانيرهن، أو عوقبن على ارتداء الدانتيل أو مستحضرات التجميل التي كانت تُعتبر «غير لائقة ومُفسدة».

تصف أماندا وندر، أمينة المعرض، تلك الفترة بأنها «واحدة من أكثر الحقب تطرفاً وصدمة في تاريخ الموضة»، مشيرة إلى أن الموضة حينها لم تكن تدور حول التعبير الشخصي، بل كانت تدور حول «الانتماء والوضع الاجتماعي».

صرامة التصميم: أزياء هابسبورج تفرض الحكم

تميز الخياطون الإسبان بـ «جودة عملهم ودقته المتناهية»، وكانت الملابس تُفصّل دون أي مراعاة لراحة مرتديها.

 في أوج الإمبراطورية الإسبانية، كان المظهر الخارجي شكلاً من أشكال «الحكم والسلطة».

المراسيم الملكية: أصدر ملوك هابسبورج مراسيم صارمة تحدد ما يُسمح لرعاياهم بارتدائه وما لا يُسمح.

إدانة الكنيسة: أدانت الكنيسة بشدة الموضة المبالغ فيها واعتبرتها «خطايا الجسد».

وكانت أبرز الأنماط المثيرة للجدل في مجتمع هابسبورج هي: الياقة المكشكشة، فتحة الصدر العميقة، وقصة «الجواردينفانتي» ذات الأطواق المتسعة.

التنورة الأضخم: الجواردينفانتي ولعنة الإطار المعدني

لم يُثر أي لباس نسائي غضباً وجدلاً مثل «الجواردينفانتي»، وهو نوع من التنورة ذات الإطار المعدني.

الشكل والتصميم: كان هذا اللباس عبارة عن «قفص على شكل جرس» مصنوع من الأسلاك والشرائط، يقوم بنفخ تنانير النساء ليشكل «قباباً معمارية ضخمة»، ثم تطور لاحقاً ليصبح مستطيلاً ضخماً.

النقد الاجتماعي: اتهم النقاد النساء بارتدائه لإخفاء بروز بطونهن أثناء الحمل، ما جعل ارتداء التنورة ذات الإطار المعدني بمثابة «دعوة للنميمة والفضائح».

تحدي الملكة: رغم حظر فيليب الرابع ارتداء الحجاب عام 1639 على جميع النساء باستثناء فتيات الليل، إلا أن زوجته إيزابيلا من بوربون تحدّت مرسومه وارتدته أثناء حضور القداس. 

وتوضح وندر: «لم يلتزمن بهذا القانون، وعندما استمرت الملكات في ارتدائه، حذا الجميع حذوهن».

كشف الرجال: الياقة المكشكشة وانحلال الإمبراطورية

لم يسلم الرجال أيضاً من صراع الموضة والسلطة، أوضحت أمينة المعرض أن «أزياء الرجال كانت مثيرة للجدل أيضاً».

رمز القوة: كانت الياقة المكشكشة - وهي هالة صلبة من الدانتيل الأبيض المطوي والكتان المنشّى - ترمز في الماضي إلى «القوة والنقاء والإسراف».

 كان هذا الطوق البارز يُجبر من يرتديه على اتخاذ «وضعيات متعالية»، رافعاً ذقنه.

الضخامة المفرطة: وصلت الياقات إلى درجة من الضخامة لدرجة أنه كان لا بد من ابتكار «أدوات طعام طويلة خاصة» لتمكين من يرتديها من تناول الطعام.

الكبش السياسي: بحلول أوائل القرن السابع عشر، وبعد الهزائم العسكرية والتدهور الاقتصادي، ألقى دعاة الأخلاق باللوم على هذا الطوق الأنثوي المظهر، معتبرين إياه «رمزًا لانحلال الإمبراطورية».

القرار الحاسم: في عام 1623، حظر فيليب الرابع هذا الطوق، وأمر بارتداء أطواق أبسط «لإعادة عظمة إسبانيا»، وفقاً للخطاب السائد آنذاك.

فتحة الصدر: من الاحتشام إلى الحرمان الكنسي

خضعت أجساد النساء لتدقيق شديد ومتغير على مدار القرن:

التحول الجذري: بدأت النساء القرن بملابس «محتشمة للغاية ومتدينة»، لكن بحلول نهايته، أصبحن يرتدين فساتين «مكشوفة للغاية، تكشف أكتافهن وصدورهن».

المقاومة الدينية: حظرت مراسيم ملكية ارتداء الصدريات المكشوفة (1639 و1646). 

وبحلول عام 1668، منع رئيس أساقفة سرقسطة النساء من حضور الكنيسة «بأي جزء مكشوف من ظهورهن أو أكتافهن أو صدورهن».

انتصار الموضة: لكن أياً من تلك المراسيم لم ينجح، واستمرت «فتحات صدور النساء في أن تصبح أكثر انخفاضاً»، متأثرة بما أسماه الوعاظ «التأثير الفرنسي» الذي يُفسد الفضيلة الإسبانية.

سقوط الطراز الإسباني: صعود باريس

ظلت العائلة المالكة هي «رواد الموضة» ومصدر تحديد ما هو رائج. لكن وفاة الملك كارلوس الثاني دون وريث عام 1700 أدت إلى تحول كبير.

بعد تبني بلاط مدريد أزياء فرساي الفرنسية الأكثر «انسجاماً وانسيابية وخفة»، تراجعت شعبية وصرامة الطراز الإسباني.

 خفت قيود البروتوكولات الرسمية، ورافق ذلك تحول ملحوظ في «حرية المرأة».

بحلول القرن الثامن عشر، حلت باريس محل مدريد كـ «عاصمة للموضة في أوروبا»، وتكيفت ألوان إسبانيا السوداء وخياطتها الصارمة لتصبح مجرد رموزٍ «لعصر من التقشف الزائل».

تم نسخ الرابط